فضاء حر

في القضية الجنوبية

 

طالما أنا أحترم أخي في الجنوب، فأنا أحب له أن يكون كما يريد أن يكون، لا كما أريد له أن يكون.

طالما سألت نفسي عن مشاعري لو أن الذي حصل في الجنوب بعد 94 حصل في الشمال، ماذا ستكون ردة فعلي؟!

تصور أنك لا تجد كرتونا تتمدد عليه في المكان الذي تنتمي إليه وسهرت عليه وعشت عليه ويأتي غيرك ويبسط على أراض بالكيلومترات.

الاعتذار لأبناء الجنوب لا يكفي، بل يجب رد الحقوق والمظالم.

في البدء صوروا لنا الاشتراكيين على أنهم كفار قريش، والمؤتمريين والإصلاحيين على أنهم فاتحون.

هل ذهب الأوس لملاقاة الخزرج في يوم تاريخي للمؤاخاة! فما ذلك النهب والفيد والتعامل مع الجنوب كغنيمة؟! وما تلك البداية الخاطئة والعلاقة التي تفتقد الأساس السليم؟!

الوحدة تقتضي التعامل بروح المهاجرين والأنصار، فيلتقي الإخوة من الشمال والجنوب، وتتآلف القلوب، ومن له منزلان يتنازل عن منزله لأخيه، ويتقاسمون الحلوة والمرة، كما شاهدنا في النموذج الذي قدمه محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، عندما ألف بين قلوب المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة.

سعى الساسة إلى المزج بطريقة لا تحدث إلا في الخلاط، من خلال نهب الأراضي وإرسال مسؤولين كلهم ماركة ديناصورات، وتقاسم المنافع بين مسؤولين من الشمال والجنوب، في وقت تدهور الحال فيه بالمواطنين من أبناء الجنوب والشمال على حد سواء، وكلما اختلف الكبار سعوا إلى زرع الفتنة بين الناس، فيدفع ثمنها البسطاء والأبرياء من الباعة وأصحاب البسطات والمحلات والخضروات.

أنا مع الوحدة، الوحدة التي تبني ولا تهدم، الوحدة التي تكون نبراسا يضيء، لا نارا تحرق، الوحدة التي تنصف المظلوم، وتداوي المكلوم، وتعيد الحقوق إلى أصحابها، الوحدة التي تنصف أبناء الجنوب، فلا تهربوا من حل القضية الجنوبية.

وأعود للقول أحب أخي في الجنوب، وأحب له الخير كما أحبه لنفسي، وكوني أحترمه فهذا يعني أن أحب له أن يكون كما يريد لا كما أريد.

اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.

عن صحيفة " الأولى"

زر الذهاب إلى الأعلى